عدد المساهمات : 143 تاريخ التسجيل : 18/06/2009 العمر : 33
موضوع: هل انا عنصري الإثنين يوليو 13, 2009 11:36 am
عندما يمتلك الإنسان الشجاعة الكافية لطرح هذا السؤال على نفسه فهذه أولى خطوات محاربة العنصرية التي تعتبر من الأسباب الرئيسية لعدم تقدم المجتمع الإنساني. ستظل هذه الظاهرة من المشكلات الأبدية التي ستعاني منها البشرية، ولكن الهدف من طرح هذه المشكلة محاولة معالجتها كي لا تتفاقم، وعدم غرس المفاهيم الخاطئة في الأجيال الصغيرة فتصبح بعد ذلك خارجة عن نطاق السيطرة. تأخذ العنصرية صوراً كثيرة وتختلف درجاتها، فإما أن تكون من منطلق لون البشرة، أو الجمال، الدين، الطوائف، الفقر أو الغنى، التعليم والثقافة، العنصرية ضد المرأة، التعصب لما يقال بـ«القبيلة» ضد الأسر الأخرى، عنصرية ضد الجنسيات المختلفة وغيرها. وقد يكون الإنسان العنصري مجاهراً بتعصبه ويحارب من أجل مبادئه أو يكون غير واعٍ أنه عنصري، فيظهر ذلك ببعض الكلمات والعبارات التي يتداولها دائماً من دون التوقف عند معاني هذه الكلمات. هذه الظاهرة الخطيرة موجودة في كل زمان ومكان، ولكن قد يكون الفرق بين المجتمعات أن بعضاً من هذه المجتمعات بدأت تعي مدى خطورة هذه الظاهرة فأسست المراكز والجمعيات التي تبنت هذه القضية، وتستغل كل ما هو متاح لنشر رسالتها حول محاربة العنصرية. ولا يعني هذا أنها تخلصت من هذه الظاهرة، ولكن شتان ما بين من أقرّها ومن هو لا يزال يعيش في حالة سبات ويجعل من الدين ستاراً يختبئ وراءه لإنكار أنه يعيش في مجتمع يعاني من ممارسات عنصرية متعصبة. كثرت الكتابات المتسائلة حول ما إذا كان الدين الإسلامي قد نجح في القضاء على ظاهرة العنصرية. لا شك أن الدين الإسلامي يحارب العنصرية بشدة ووضع القوانين الصارمة التي توقفها. أنا لا أريد أن أتكلم من منطلق الدين لمعالجة هذه المشكلة، لكنها يجب أن تعالج باسم الإنسانية، ولكن بما أننا ننادي دائماً باسم الدين وأننا كُرّمنا به واتخذنا من هذا الدين سلطة من أجل التفوق على غيرنا وكل ذلك لمصالح دنيوية، فيجب عليّ أن أنطلق من هنا، الدين الإسلامي كرّمنا ولكننا لم نكرمه فشوهناه بأفعالنا وأقوالنا. طرح هذه المشكلة نوع من المعالجة وليس من باب النقد فقط، واستغللتها كطريقة لمحاكاة نفسي أيضاً، فصور العنصرية الموجودة في مجتمعنا كثيرة وتبدأ بكلمات نسمعها كثيراً، كلمة لمن هو من ذوي البشرة السمراء، وكلمة لمن هم من طائفة تختلف عنا، وكلمة لمن هم من جنسيات أخرى، ونذكر اسم الجنسية كـ «معايرة»، وفي المقابل يجن جنوننا إذا سمعنا إشارة تقلل منا بسبب جنسيتنا! هذا إضافة إلى استخدام مفتاح أرقام المدن للدلالة على منطقة بعينها، أو عرق بعينه، وكذلك تسمية كل عامل باسم «محمد» من دون أخذ ثانية للسؤال عن اسمه أو الاستعانة بكلمة لو سمحت لمناداته. وهناك أشكال أخرى كالسؤال عن جنسية مصففة الشعر أو عن جنسية الطبيب قبل أخذ الموعد بدلاً من الاستفسار عن مدى مهارته. ومن منا لا يلحظ استباق الأحكام على بعض الشعوب بناء على تعميم متداول بيننا وجعله حاجزاً للمعاملة قبل معرفة الشخص وقدراته، والغريب أننا من أكثر الشعوب المهووسة بالسفر إلى الخارج، فإذا لم يكن السفر إلى جانب الاستجمام لغرض التعرف والاختلاط بالثقافات الأخرى، فلن يحقق السفر غايته. والأغرب أيضاً عندما تجد جماعات تُمارس عليها العنصرية متعصبين على غيرهم! لأنه من الطبيعي أن الشخص الذي يعاني من الظلم لا يمارسه على غيره إلا لو كان هذا رد فعل سلبي!